- Tumblr Posts
(( وجــه الحبيـب ))
===========
الأَيَّامُ تَدُورُ ، وَلَا تَسْتَقِرُّ إِلَّا عَلَى جَبْرِ خَوَاطِرِ المُحِبِّينَ .
وَنُصْرَةِ المَظْلُومِينَ ، وَإِهْلَاكُ الظَّالمِينَ .
وَدَارَتِ الأَيَّامُ ، وَمَرَّتِ الأَيَّامُ .
وَذَهَبَ كُلُّ ظُلْمٍ وَظَلامٍ وَخِصَامٍ .
وَثَبُتَ كُلُّ عَدْلٍ وَنُورٍ وَوِئَامٍ .
وَسَكَتَ كُلُّ كَلَامٍ .
وَلَمْ يَتَّسِعِ العَالَمُ إِلَّا لِلْحُبِّ ، كَمَا بَدَأَ بِالحُبِّ .
[كما بدانا أول خلق نعيده] {الأنبياء : ١٠٤} .
يَعُودُ مِنْ حَيْثُ بَدَأَ .
حَيْثُ الحُبُّ المُطْلَقُ ، الَّذِي لَا يُعَكِّرُ صَفْوَهُ سَقَمٌ .
وَلَا خَوْفٌ ، وَلَا فِرَاقٌ ، وَلَا شَوَاغِلٌ ، وَلَا مَشَاغِلٌ .
وَلَا أَغْرَاضٌ ، وَلَا أَعْرَاضٌ ، وَلَا أَمْرَاضٌ .
كَمَا هُوَ الحَالُ في حُبِّ الدُّنْيَا .
انْظُرُوا لِوَجْهِ مَنْ تُحِبُّونَ ، وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً .
مَرَّةً وَاحِدَةً تَكْفِي .
فَنَظْرَةُ حُبٍّ وَاحِدَةٍ إِلَى وَجْهِ الحَبِيبِ ،
فِيهَا النَّجَاةُ وَالخُلُودُ وَالدَّوَامُ .
[كل شئ هالك إلا وجهه] {القصص : ٨٨} .
انْظُرُوا إِلَى الوَجْهِ ، الوَجْهُ يَكْفِي .
الوَجْهُ أَصْفَى ، وَأَنْقَى ، وَأَبْقَى ، وَأَحْلَى ، وَأَعْلَى .
لَيْسَ كُلُّ مَنْ رَآنِي ، رَأَى وَجْهِي .
وَكُلُّ مَنْ رَأَى وَجْهِي رَآنِي .
نَظْرَةٌ وَاحِدَةٌ ؛ وَتَنْتَقِلُ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ .
وَتَرْتَفِعُ الحُجُبُ وَالسُّتُورُ .
حَبِيبُكَ هُوَ الَّذِي إِذَا نَظَرْتَ إِلَى وَجْهِهِ نَظْرَةً وَاحِدَةً :
زَالَ عَنْكَ النَّصَبُ وَالوَصَبُ .
وَانْشَرَحَ صَدْرَكَ ، وَذَهَبَ التَّعَب .
وَأَحْسَسْتَ بِالرِّضَى يَغْمُرُ رُوحَكَ .
وَنَشْوَى الحُبِّ تَمْلَأُ قَلْبَكَ .
بِمَا فِيهَا مِنْ رَجَاءٍ ، وَأُنْسٍ ، وَبَسْطٍ .
وَتَجَلٍّ بِلَا اسْتِتَارٍ .
وَبَقَاءٍ بِلَا فَنَاءٍ .
وَإِعْزَازٍ بِلَا إِذْلَالٍ .
وَرَفْعٍ بِلَا خَفْضٍ .
وَغِنًى بِلَا فَقْرٍ .
وَعَطَاءٍ بِلَا مَنْعٍ .
وَحَيَاةٍ بِلَا مَوْتٍ .
وَنَفْعٍ بِلَا ضَرٍّ .
وَيَخْرُجُ قَلْبُكَ مِنْ بَيْنِ الإِصْبَعَينِ
لِيَصِيرَ رُوحاً بِلَا ضِدٍّ .
حَيْثُ أَحَدِيَّةِ الذَّاتِ ، بَعْدَ شَفْعِيَّةِ الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ .
فَتَصِيرَ لِحَقَائِقِ الأَكْوَانِ جَامِعاً .
بَعْدَمَا كُنْتَ لِبَعْضِهَا مُنْكِراً وَمَانِعاً .
وَتُصْبِحُ غَيْباً بَعْدَمَا كُنْتَ شَهَادَةً .
فَغَـيْـبَـتُـنَا الأَرْوَاحُ ، وَشَهَادَتُنَا الأَجْسَامُ
وَاللهُ تَعَالَى جَمَالُهُ ظَاهِرٌ وَبَاطِنٌ .
فَتُدْرِكُ الظَّاهِرَ بِجِسْمِكَ ، وَالبَاطِنَ بِرُوحِكَ .
وَتَصِيرُ أَوَّلاً ، بَعْدَمَا كُنْتَ آخِراً .
أَمَّا اللهُ تَعَالَى فَهُوَ الأَوَّلُ فِي عَيْنِ آخِرِيَّتِهِ .
الآخِرُ فِي عَيْنِ أَوَّلِيَّتِهِ .
(( التنــزلات الإلهيــة )) صلاح الدين التجاني